counters

الثلاثاء، 23 مارس 2010

محبة رسول الله هي العروة الوثقى


ألم يجدك يتيما فآوى

نشأ يتيماً فآواه الله تعالى، وعائلاً فأغناه الله، فقد تُوفِّي والده عبد الله وهو حملٌ في بطن أمه، وأرضعته ثُويْبَةُ أيَّاماً وهي مولاة لأبي لهبٍ، ثم أرضعته حليمة السعدية في البريَّة، وأقام عندها في بني سعدٍ نحواً من أربع سنين، وَشُقَّ عن فُؤاده هناك وهو يلعب مع الغلمان، فعن أنس: "أن رسول الله أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه، فاستخرج القلب فاستخرج منه علقةً فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طستٍ من ذهب بماء زمزم ثم لامَهُ ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه فقالوا: إن محمداً قد قُتِلَ، فاستقبلوه وهو مُنتقع ( متغير) اللَّون قال أنسٌ: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره" ، وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن النبي شُقَّ صدره ثلاث مرات، الأولى في بني سعد وهو صغير، والثانية عند البعثة فقال: "وثبت شق الصدر أيضاً عند البعثة كما أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوَّة. فالأول وقع فيه من الزيادة كما عند مسلم من حديث أنس "فأخرج علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك"، وكان هذا في زمن الطفولة، فنشأ على أكمل الأحوال، من العصمة من الشيطان، ثم وقع شق الصدر عند البعث زيادة في إكرامه؛ ليتلقى ما يُوحى إليه بقلبٍ قويٍّ في أكمل الأحوال من التطهير، ثم وقع شق الصدر عند العروج إلى السماء؛ ليتأهب للمناجاة. وعند هذه الحادثة العظيمة خافت عليه حليمة السعدية رضي الله عنها، فردّته إلى أمه آمنة بنت وهب، فخرجت به أمه إلى المدينة، تزور أخواله، ثم رجعت متجهة إلى مكة فماتت في الطريق بالأبواء، بين مكة والمدينة، وعمره ست سنين وثلاثة أشهر وعشرة أيام ولما ماتت أمه كفله جده عبد المطلب، فلما بلغ ثماني سنين توفي جده وأوصى به إلى عمه أبي طالب؛ لأنه كان شقيق عبد الله بن عبد المطلب فكفله، وأحاطه أتمَّ حياطة، ونصره حين بعثه الله، أعزَّ نصرٍ، مع أنه كان مستمراً على شركه إلى أن مات، فخفَّفَ الله بذلك من عذابه بشفاعة النبي، قال: "هو في ضحْضاحٍ من النار، ولولا أنا لكان في الدَّرْكِ الأسفلِ من النار". وفي لفظٍ: "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامةِ فيُجعلُ في ضحْضاحٍ من النارِ يبلغ كعبَيه، يغلي منه دِمَاغُه"، وخرج مع عمِّه أبي طالب إلى الشام في تجارةٍ، وهو ابن ثنتي عشرة سنة، وذلك من تمام لطفه به؛ لعدم من يقوم به إذا تركه بمكة، فَرَأَى عبد المطلب وأصحابه ممن خرج معه إلى الشام من الآيات فيه ما زاد عمَّه في الوصاية بِهِ، والحرص عليه، فعن أبي موسى الأشعري قال: خرج أبو طالب إلى الشام، وخرج معه النبي في أشياخٍ من قريشٍ، فلما أشرفوا على الراهب هبطُوا فحلُّوا رحالهم، فخرج إليهم الرّاهبُ، وكانوا قبل ذلك يمرُّون به فلا يخرج إليهم، ولا يلتفتُ، قال: فهم يحلُّون رِحالهم فجعل يتخلَّلهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله، قال: "هذا سيدُ العالَـمِين، هذا رسولُ ربِّ العالمين، يبعثه الله رحمةً للعالمين، فقال له أشياخٌ من قريش ما علمك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبقَ شجرٌ ولا حجرٌ إلا خرَّ ساجداً، ولا يسجدان إلا لنبي، وإنِّي أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروفِ كتفهِ مثل التُّفَّاحة، ثم رجع فصنع لهم طعاما، فلما أتاهم به وكان هو في رعية الإبل قال أرسلوا إليه، فأقبل وعليه غمامة تظله، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى ‏فيء ‏الشجرة، فلما جلس مال ‏فيء ‏الشجرة عليه، فقال: انظروا إلى ‏فيء ‏الشجرة مال عليه، قال: فبينما هو قائم عليهم وهو ‏ ‏يناشدهم ‏ ‏أن لا يذهبوا به إلى ‏ ‏الروم،‏ ‏فإن ‏ ‏الروم ‏ ‏إذا رأوه عرفوه بالصفة فيقتلونه، فالتفت فإذا بسبعة قد أقبلوا من ‏الروم، فاستقبلهم فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: إن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس، وإنا قد أخبرنا خبره بعثنا إلى طريقك هذا، فقال: هل خلفكم أحد هو خير منكم؟ قالوا إنما أخبرنا خبره بطريقك هذا، قال: أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا: لا، قال فبايعوه وأقاموا معه، قال: ‏أنشدكم ‏ ‏بالله أيكم وليه؟ قالوا ‏أبو طالب ‏‏فلم يزل ‏ ‏يناشده ‏حتى رده ‏‏أبو طالب ‏وبعث معه ‏‏أبو بكر ‏‏بلالا ‏وزوده ‏الراهب من الكعك والزيت"، فأرسل به عمه إلى مكة.